Monday, April 2, 2007

وماذا عن الذين لا يمتلكون حتى حق الادعاء ؟

بغض النظر عن الشعور الأمريكي بالقلق من السلاح الإيراني، وبعيداً عن آراء العسكريين التي أكدت أن إيران قطعت شوطاً ضخماً في التطور العسكري، فهناك العديد من المثقفين العرب لا يمكنهم استيعاب أن تتمكن دولة لا تبعد عنهم كثيراً مثل هذه القدرات رغم حالات الحصار التي مورست عليها منذ قيام ثورتها الشعبية في 1979 م، في مقابل ما تعانيه الدول العربية من عدم القدرة حتى على ادعاء القيام بأي تطور ما مستقل عن الرقابة الأمريكية . في مقاله " الأفيال الإيرانية الطائرة " عبر نبيل الحسن عن هذا القطاع الذي لا يتحمل أن يكون هناك شعباً قادراً على المواجهة، بعيداً عن الجعجعة والصياح المتبادل (الحكومي والمعارض) الذي يميز الساحة العربية . في بدايات مقاله يحاول نبيل الحسن أن يذكر الكثيرين بالمواجهة السابقة بين العرب والفرس في القادسية، وهي محاولة رغم قدمها مازالت وسيلة فعالة للتعبير عن قدر ضخم من العنصرية يحتمي خلفه الشوفينيين العرب دائماً من مواجهة حقيقة أن هذا التطور لإيران يثبت فشلهم التاريخي في تحقيق أي إنجازات، ومتناسية أن العديد من الإيرانيين – بما فيهم مرشد الثورة - يرجعون لأصول عربية وتركية وكردية في حين لا يمكن لنبيل الحسن ذاته أن يؤكد على نحو حاسم أن أصوله ليست فارسية أو تركية . لقد لجأ نبيل الحسن إلى عقد مقارنة بين عبد الناصر، وصدام حسين من ناحية وبين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد من ناحية أخرى في محاولة لإثبات رؤيته عن مصير إيران القادم المشابه لمصير التجربتين الناصرية والصدامية، وهي مقارنة تجاهلت عمداً الفارق الضخم بين الأسس التي قام عليها النظام الإيراني وبين غيره من الأنظمة العربية . فبعكس الأنظمة العربية " مدعية الثورية " والتي صعدت إلى السلطة عبر انقلابات عسكرية فرضت على هذه الشعوب كنظام عبد الناصر، والأنظمة البعثية في العراق وسوريا واليمن، كانت الثورة الإيرانية التحرك الجماهيري الوحيد في الشرق الأوسط الذي يمكن أن يُطلق عليه بالفعل مصطلح " ثورة " . وبعكس الأنظمة العربية التي لا تمتلك أي مؤسسات وتنبع حركتها من إرادة ومصلحة الرئيس أو الملك وأحزابهما الحاكمة على الدوام، فإن الدولة الإيرانية – بغض النظر عن وضعها – لديها مؤسسات مستقلة ذات قواعد محددة يجب على الجميع احترامها ولا يتوقف سيرها على مزاجية أو مصلحة شخص . وليس صعباً إثبات أن هذه الأسس مهما اختلفنا معها أو حولها قد أضفت على الأوضاع السياسية في إيران حيوية مختلفة غير متواجدة في غيرها من بلدان الشرق الأوسط، فقد شهدت إيران - منذ قيام الثورة الإيرانية في سنة 1979 م – صعود ستة رؤساء إلى الحكم عبر انتخابات حقيقية شهدت العديد من المفاجآت غير المتوقعة في بعض الأحيان، كما شهدت قدر كبير من الرتابة في أحيان أخرى، في حين لم تشهد دولة كمصر التي قامت ثورتها – كتعبير مجازي – في سنة 1952 م سوى أربع رؤساء تم التخلص من أولهم عبر انقلاب عسكري، في حين لم يترك التالون له مقعد الرئاسة إلا بعد وفاتهم . إن الفارق كبير بين أحمدي نجاد وكل من عبد الناصر وصدام حسين، فالأول يدرك تماماً أنه لن يبقى رئيساً أكثر من ثمان سنوات في أفضل الأحوال ويتعين عليه بعدها أن يترك منصبه دون التشبث بأي إرادة شعبية وهمية على الطريقة العربية الشهيرة، كما يدرك أن هناك مؤسسات رقابية قادرة على تعويقه وتحجيمه في أية لحظة في حال خالفت خططه مصالح الدولة، وهناك أيضاً ناخبين قادرين على إسقاطه إذا لم يوف بوعوده في سياساته الداخلية والخارجية . لقد كان على نبيل الحسن أن يدع إيران ويلتفت إلى هؤلاء الذين لا يملكون حتى حق الادعاء الكاذب بتحقيق أي تطور بعيداً عن المعونات والرقابة الأمريكية أو المنح الغربية .

No comments: