Monday, April 2, 2007

النيرفانا الغربية التي لا يستحقها المسلمون

ربما لا تعد النغمة الموجودة في مقال الكاتب / حسين ديبان ( وفاء سلطان والعالم الإسلامي ) بموقع الحوار المتمدن حول الدين الإسلامي جديدة هذه الأيام والتي انتشرت فيها لهجة تهجمية وتهكمية حول معتقد يعتنقه مليار من البشر، يتنوعون من ناحية الانتماء القومي والجغرافي ومقدار التحصيل العلمي بما لا يمكن الكاتب ولا غيره من وصفهم جميعاً بالجهل أو التخلف . لا يعد هذا المقال رداً على ما جاء في المقال السالف لحسين ديبان بقدر ما هو محاولة للتفكير معه بصوت عال، بجرأة وشجاعة أنترنتية يحسد عليها الكاتب وصف البسطاء والمستضعفين المسلمين بالهمجية لأنهم وبكل براءة غضبوا لكبريائهم من هذه الإهانات الغربية المبتذلة والتي لا تعبر عن فكر أو عن رؤية بقدر ما تعبر وبوضوح إلى أي مرحلة وصل لها الغرب الأوروبي من العنصرية والتناقض المثيرة للاشمئزاز والشفقة . لم تكن المشكلة في هذه الأحداث هي هزيمة المسلمين أو انتصار الدانمارك الهزيل الذي حاول أن يصفه بالبطولية، لكن الانتصار الحقيقي هو اكتشاف كل هذه الشعوب الإسلامية أن المواجهة الحقيقية مع هذا الانحطاط الغربي يجب أن يبدأ مع الأنظمة الألعوبة والعميلة والتي وجهت رصاصاتها للشعوب . إن الهمجية والجهل والتخلف، لو كان لهما وجود في العالم الإسلامي، فالسبب ليس الإسلام ولا أي ديانة أخرى، ولو سمح الكاتب لنفسه بالرجوع إلى التاريخ قليلاً سيكتشف أن هذا الغرب المتمدن والمتحرر والعلماني قد مارس النهب الاستعماري ضد العالم الإسلامي وغير الإسلامي لقرون طويلة لم يتورع خلالها من ارتكاب العديد من المذابح وإبادة مدن وقرى بأكملها والتغيير الديموغرافي للسكان كتعبير عملي على هذه المدنية التي تفضل بالإشارة إليها، وعقب اضطراره للانسحاب العسكري الذي أثقل كاهل هذه الحكومات المتمدنة والمتعلمنة قامت بوضع أنظمة حرصت على فرضها عن طريق الانقلابات العسكرية، وممارسة عمليات التجهيل بالقوة ومحاولة منع شعوب العالم الثالث عموماً من الحصول على التكنولوجيا، ولست في حاجة للتدليل على ما مارسته أمريكا - وهي قمة الديمقراطية والحرية والعلمانية الغربية - من مواقف ضد شعوب وأنظمة كانت اختياراتها الديمقراطية ومواقفها السياسية والاقتصادية على غير هوى أمريكا أو على الأقل تسعى لتحقيق قدر ما من الاستقلالية . ثمة انتصار آخر حصل عليه المسلمون من هذه المواجهة، لقد شاهد الغربيين أنفسهم كيف تزن حكوماتهم وجهات نظرها تجاه مثل هذه المواقف وكيف تسعى بالقوة لتبرير تناقضها المزري، ليس ثمة مشكلة - من وجهة نظر الغرب - في توجيه الإهانات للنبي محمد (ص)، لكن التعامل التاريخي والمنهجي مع حادثة الهولوكوست يؤدي بالضرورة ودون مناقشة لسجن باحثاً تاريخياً بريطانياً لمدة ثلاث سنوات، ولعل هذه الرأفة الغربية بهذا الباحث كانت نتيجة لتراجعه علناً (خوفاً من النهاية المنتظرة) عن أفكاره، وهذا الإجراء يمثل قمة التدليل على ما يملكه الغرب من حرية وقدرة على تحمل الرأي الآخر أو ما يمكن أن يطلق عليه حسين ديبان العلمانية بعيداً عن التدين المتخلف . تناقض آخر يظهره التمدن الأوروبي في موضوع الملف النووي الإيراني، فأمريكا الحرة والعلمانية تتهم إيران الإسلامية المتخلفة بأنها (تنوي) صنع قنابل نووية، في حين لا يوجه العالم العلماني الحر أي تساؤل حول ما تملكه أمريكا من أسلحة دمار شامل خاصة أنها الدولة الوحيدة التي سمحت لها علمانيتها باستخدام هذه الأسلحة لإبادة أبرياء في مدينتي هيروشيما ونجازاكي باليابان، أما فرنسا العلمانية والتي تعبر عن قلقها من البرنامج النووي الإيراني ذي النوايا غير المعروفة والغامضة، فلم تجد غضاضة في شرائعها العلمانية من توجيه التهديدات باستخدام هذه الأسلحة ضد شعوب بريئة لمجرد أن أنظمتها لا تعجب ذوي الشعر الأشقر والعيون الزراقاء . لن يهان النبي محمد (ص) لمجرد أن بعض التافهين والعنصريين في الغرب أرادوا تحقيق شهرة ما عن طريق رسمه بهذه الصورة، أو قبلوا الخضوع لخطة أو مؤامرة ما لإثارة مشكلة تغطي على ممارسات أمريكا في العراق، كما أن قدسيته أو قدسية الإسلام كدين لدى المسلمين لن تهتز، خاصة مع إدراك الشعوب الإسلامية أنه ليس ثمة مقدس لدى الرأسمالية الغربية أصلاً سوى مصالحها واستثماراتها، لكن ما اهتز بالفعل وما اكتشفه المسلمون هو هذا الغرب الذي بدا مشوهاً ومتناقضاً وغير قادر على الدفاع الفكري عن مبادئه حيث لم يجد سوى التهديدات بالقوة عسكرية أو الاقتصادية . على أن الملفت في مقال حسين ديبان هو ما يعانيه من كراهية للمسلمين كبشر وتخلفهم، وهو لا يتكلف إخفاء هذه المعاناة في مقالاته عموماً، وبالتالي أتوقع أن يكتب مقالاً جيداً في فترة لاحقة حول مباركته لما تفعله الولايات المتحدة العلمانية الحرة في الشعبين المتخلفين العراقي والأفغاني، وما يفعله الكيان الصهيوني العلماني الحر من إبادة للشعب الفلسطيني، ومدى فوائد هذه الممارسات على رقي الجنس البشري الذي سيتخلص من مليار إنسان كلهم متخلفين، وهنا ربما يتضح أن مبادئ أدولف هتلر النازية كانت ستكون علمانية حره ومتمدنة لو كانت اتجهت لإبادة المسلمين لا اليهود حسبما يقول الغرب . إنني أنصح الكاتب حسين ديبان أن يتحدث قليلاً في مقالاته القادمة عن الجنة الغربية - العلمانية والحرة والتقدمية - التي حققت النيرفانا لدى شعوب الغرب وكيف أنها تمكنت من القضاء على البطالة والاستغلال والرشوة، ولا يقع رؤساء ومنشئي هذه النيرفانات في فضائح جنسية أو مالية أو ... أو ............الخ

No comments: